كتب : لفته عبد النبي الخزرجي / العراق – بابل الشعر حراك لغوي بمضامين متقدمة ، والشعر خلاصة مركزة لمفردات تساورها ارهاصات تغازل فضاءات ، تقتنص وهج الشمس ، وتناجي بريق النجوم ، ذلك هو الشعر ، الق الحياة المتجدد ، وبذرة الازل في قمم الجبال ، وصهيل الارض المشبعة بديمومة العطاء ، وضفائر العذارى الموشومة بشلالات الشمس الذهبية . هذا هو الشعر في العراق ، لأن الشعب العراقي يعتبر في مقدمة الشعوب العربية التي افصحت عن نفسها بقامات شعرية عالية ورموز متفردة ، وخاصة في الادب الشعبي والشعر الشعبي خصوصا .
وقد اتحفنا الشعراء الشعبيون بقافلة طويلة من الاسماء التي اقتنصت المفردة الشعبية بنكهتها العريقة ، وابدعت كثيرا ، وقدمت عطاء ثرا في التنوع والابداع .
وقبل ان يحرك النواب بركة الشعر الساكنة ، كان الشعراء ينهجون في كتاباتهم منهجا سلفيا معروفا ، الى ان انشد الشاعر مظفر النواب ، اجمل قصائده ، وابدع ما افاضت به قريحته المتألقة ، والتي كانت معبئة بالهاجس الشعبي المتمرد ، فقد كان شعر مظفر والمضامين الانسانية التي احتواها ، قد كرست الحداثة والتجديد ومثل انعطافة كبرى في حركة الشعر الشعبي وطفرة في هذا العالم المتفرد ، وهكذا نقرأ للنواب ( الشعر العربي سواء كان فصيحا او عاميا ، يمتاز عن غيره بنبرة ايقاعية وموسيقى نغمية تخاطب الاذن والعين معا ، وبالتالي فإن الالقاء او الانشاد هو جوهر الشعر العربي منذ الجاهلية الى اليوم ، ولهذا كان يقال ” وقف المتنبي بين يدي سيف الدولة وانشده شعره ” ولا يقال قرأ المتنبي .)1
وهكذا تناسل الشعراء الذين انطلقوا من معطف النواب ، فكان الشاعر الكبير عريان السيد خلف وناظم السماوي وشاكر السماوي وعلي الشيباني ومجيد الخيون وزامل سعيد فتاح وعزيز السماوي وكاظم الرويعي وكريم العراقي وجمعة الحلفي وطارق ياسين ورياض النعماني وحامد كعيد الجبوري وعبد الرزاق كميل وغيرهم .
ونحن الذين عاصرنا هذه القامات الشامخة ، قادنا هوسنا بالشعر الى محرابه المضمخ بالاريج ، فولجنا خيمته وتعطرنا بصولجانه المتعالي .
1)محمد جاد الله /في مقدمته لديوان مظفر النواب – دار الصادق / بيروت .